كيفية خلافته:-
أخي الكريم سترى من بداية هذا العنصر وهو نقطة التحول في حياة عمر رضي الله عنه… سترى ربيب الملك، وحفيد المجد، وابن القصور الناعمة، والمباهج الهاطلة، ذلك الشاب بعد أن تحمل مسؤولية أمة محمد صلى الله عليه وسلم كيف تحولت حياته وتغير جدول أوقاته.
وكان توليه الملك في عز شبابه في الخامسة والثلاثين من عمره.
كيفية خلافته:
لما مرض سليمان بدابق قال:" يا رجاء أستخلف ابني؟!!" قال:" ابنك غائب" قال:"فالآخر؟" قال:"هو صغير"، قال:"فمن ترى؟" قال:" عمر بن عبد العزيز "، قال:"أتخوف بني عبد الملك أن لا يرضوا" قال:"فوله، ومن بعده يزيد بن عبد الملك، وتكتب كتاباً وتختمه، وتدعوهم إلى بيعةٍ مختوم عليها" قال: فكتب العهد وختمه، وخرج رجاء ، وقال: إن أمير المؤمنين يأمركم أن تبايعوا لمن في هذا الكتاب، قالوا: ومن فيه؟ قال: مختوم، ولا تُخبرون بمن فيه حتى يموت، فامتنعوا، فقال سليمان: انطلق إلى أصحاب الشُّرط ونادِ الصلاة جامعة، ومرهم بالبيعة، فمن أبى فاضرب عنقه، ففعل، فبايعوا ، قال رجاء: فلما خرجوا أتاني هشام في موكبه فقال: قد علمت موقفك منّا، وأنا أتخوف أن يكون أمير المؤمنين أزالها عني، فأعلمني ما دام في الأمر نفس، قلت: سبحان الله يستكتمني أمير المؤمنين وأطلعك، لا يكون ذاك أبداً، فأدارني وألاصني، فأبيت عليه فانصرف، فبينا أنا أسير إذ سمعت جلبة خلفي، فإذا عمر بن عبد العزيز فقال: رجاء، قد وقع في نفسي أمر كبير من هذا الرجل، أتخوف أن يكون جعلها إليّ ولست أقوم بهذا الشأن، فأعلمني ما دام في الأمر نفس لعلي أتخلص، قلت: سبحان الله، يستكتمني أمراً أطلعك عليه!! ().
ويذهب رجاء ذات يوم ليعود الخليفة، فيجده في اللحظات الأخيرة من حياته، فيجلس إلى جواره حتى تفيض روحه فيسجيه.. ويتكتم النبأ … وخرج فأرسل إلى كعب بن حامد العبسي رئيس الشرط ليجمع أهل بيت أمير المؤمنين فاجتمعوا في مسجد دابق فقال لهم:بايعوا، قالوا: قد بايعنا مرة أنبايع أخرى؟ قال لهم : هذه رغبة أمير المؤمنين، فبايعوا على من عهد إليه في هذا الكتاب المختوم ، فبايعوا رجلاً رجلاً فلما بايعوا وأحكم الأمر، قال لهم : إن الخليفة قد مات وقرأ عليهم الكتاب..
ولم يكد يفيق عمر من غمرة المفاجأة، حتى راح يرتجف كعصفور غطته الثلوج()، وصعق عمر حتى ما يستطيع القيام، وقال: والله ما سألتها الله في سرٍّ ولا علن()، واستقبل رجاء بن حيوه يقول له في عتاب: ألم أناشدك الله يا رجاء ؟.
ثم سار إلى الخليفة المسجى، فصلى عليه، وشيعوه إلى مثواه، وعاد يفري أهل بيته فيه، ويلقى فيه العزاء، وفي الغداة … دخل أمير المؤمنين المسجد فإذا هو غاص بحشود هائلة من الوافدين، فرأى أنها فرصة للتخلص من هذا المنصب الكبير قبل أن يتشبث بكاهله … وصعد المنبر وخطب الناس:" أما بعد فقد ابتليت بهذا الأمر على غير رأي مني فيه وعلى غير مشورة من المسلمين وإني أخلع بيعة من بايعني، فاختاروا لأنفسكم ". فضجوا وصاحوا من كل طرف:" لا نريد غيرك ". ثم ألقى بعد ذلك خطبته .وكانت ولايته سنة 99هـ ().
قال له بلال بن أبي بردة: من كانت الخلافة شرفته فقد شرفتها، ومن كانت زانته فقد زنتها، وأنت كما قال مالك بن أسماء:
وتزيدين أطيب الطيب طيباً
وإذا الــدر زان حســـن وجــوهٍ
أن تمسيه أين مثلك أينا؟
كان للدر حسن وجهــــك زينا()